كان هناك رجلٌ شيخٌ طاعنٌ في السن
يبدو عليهـ الألم والإجهاد في نهايةِ كل يوم
سأله صديقه
ولماذا كل هذا الألم والإرهاق الذي يبدو عليك ؟
فأجابه الرجل الشيخ الطاعن : يُوجد عندي
بازان ( الباز نوع من الصقور حاد البصر )
يجب عليَّ كل يوم أن أروضهما , وأبرقعهما كي لا يجولا النظر فيفلتان
وكذلك عندي
أرنبان يلزم علي أن أحرسهما من الجري خارجاً
و عندي
صقران عليَّ أن أُقَوِّدهما وأدربهما لكي يصيدا جيدا ً
وعندي
ثعبان سام , عليَّ أن أحاصره , كي لا يلدغ أحد أو يلدغني
وعندي
سبع عليَّ أن أحفظه دائماً مُقيَّداً في قفصٍ حديدي , كي لا ينقض
علي فيهلكني
و عندي مريضٌ عليَّ أن أعتني به وأخدمه
قال الصديق
ما هذا كله لابد أنك تمزح
لأنه حقاً لا يمكن أن يوجد إنسان يراعي كل هذه الحيوانات
المفترسة والجامحة مرةً واحدة
قال له الشيخ الطاعن
إنني لا أمزح ولكن ما أقوله لك هو الحقيقة المحزنة و الهامة
إنماالبازين هماعيناي وعليَّ أن أغضهما عن النظر إلى الحرام
إلى ما لا يحل النظر إليه باجتهادٍ ونشاط
والأرنبين هما قدماي وعليَّ أن أحرسهما وأحفظهما
من السير فى طريقِ الخطيئة
والصقرين هما يداي وعليَّ أن أدربهما على العمل حتى تمداني
بما أحتاج إليه من رزق حلال وبما يحتاج إليه الآخرون من أخواني
والثعبان هولساني وعليَّ أن أحاصره وألجمه باستمرار
حتى لا ينطق بكلامٍ معيبٍ مشين
والسبع هوقلبي الذي انا معه في حربٌ مستمرة
وعليَّ أن أحفظه دائماً مقيداً كي لا يميل ويهلكني
أما الرجل المريض فهو جسدي كله
الذي يحتاج دائماً إلى يقظتي وعنايتي وانتباهي
إن هذا العمل اليومي يستنفد طاقتي و جهدي ووقتي
فعلي أن أكون حارسا ً جيدا ً , لكي لا تتفلت مني هذه
الحواس الجامحة فترديني قتيلا
يحيى