انظر السحب، اجعل قلبك مثلها نقيا طاهرا، لا تلوثه بالذنوب، لأن الذنب يحجب الضياء، فلا ترى نور الله عز وجل، وإذا آذاك الناس وأسرفوا في تجريح شعورك اسكب غيث عفوك فالحياة ساعة، علمهم أن إيذاءهم لا يسكب من قلبك إلا نبعه الصافي، العفو هو السير على الأمواس، ولكن لك في السحب آية، تلتحم في صفاء، وتتناجى في صمت، وتسبح في المسير تسبيحا طهورا، سمت فامتازت بهذا اللون، فاحفظ قلبك كالسحب ليحفظ الله لك الجوارح طاهرة، تشع بأنوار الله.
ـ انظر للجبال كيف وقفت في شموخ، راسيات، كن كالجبال، رص صخور عزمك، وتحد بها رياح الهوى، تأمل ألوانها ، لصخورها عوالم.. ولألوانها تغاير وتباين، ألا يعلمك هذا عظمة الله، فترى ذاتك صغيرة فتهذبها لتكبر بالخلق الفضيل، تعرف الله ـ جل في علاه ـ تأمل صلابتها، لكنها مع القوة يفيض قلبها بشلال صلاة، وتتساقط صخورها من خشية الله، هي لا تنس ذكر الله.. وأنت يا إنسان ألا تهوي إلى المحراب خشية ورجاء.. أما لك في الجبل عبرة؟! كن قويا بإيمانك، لكنك مرهف الحس، ما أن تسمع ذكر الله ـ جل في علاه ـ حتى تسح مدامعك وتتساقط خشية من رب العالمين.. ألا إن لك في الجبال لعبرة.
ـ انظر للشجر كيف نما من حبة، وكيف يسقى بماء واحد، ونفضل بعضها على بعض في الأكل، كلها لك أيها الإنسان، نخل وعنب ورمان.. أفلا تشكر الله؟! وتعتبر؟!
في حياتها الأولى آية لأولي الألباب، ميلاد أغصانها ووريقاتها الناميات، ثم تكبر، ثم تصفر، ثم تذروها الرياح.. انظر إليها وتأمل أوراقها الخضراء والمصفرّة.. ميلاد وميعاد، ولها في ذلك آيات أخرى.. كإحسان الناس إليك، يجب أن تراه بعدد الأوراق الخضراء، فإذا أساءوا إليك فتذكر إحسانهم يوما، ولا تسلط الضوء فقط على صفر الوريقات، ليتفجر نبع حبك للعالمين، يسقي أشجار أعماقك فتزهر وتثمر، لتمتد مساحات المحبة في الحياة.