كم من الآيات في القرآن الكريم تحثنا على التأمل والتفكر..
إن التفكر هو كتاب الكون المفتوح الذي نتلوه في صمت محبب، ونرحل في عوالمه البديعة العجيبة..
اترك زحمة الدنيا، واسكن حينا أمام كتابك الكبير، انظر بإمعان، وأبحر أعماق التأمل، انظر للسماء، للضياء، للفضاء، انظر للشفق، والفلق،والغسق، والفجر إذا انشق من الظلمات.. آيات وآيات.. مم يتكون الضياء؟ وكيف يأتي كخيوط ساحرة من فضة، تمتد وتقوى؛ حتى تضيء الكون؛ فإذا هو صفحة الصبح، يتنفس فتتنفس الحياة بأسرها معه ، يوم جديد، وميلاد جديد، ما هو الضياء؟! ما هو هذا النور الذي يسحر الأبصار، فترفّ القلوب حوله رفيف الأطيار، وتتبعه الأرواح المؤمنة!! أي مادة هذا النور؟! هل هو لون؟! له ريشته السحرية، يبدأ بلمسات كالرتوش الرقيقة، ثم يملأ الكون نوره بأمر الله، والله نور السموات والأرض.. وتبعث الشمس أشعتها، تهدي العالمين دون تأفف، ودون انتظار المقابل؛ لنتعلم أن نعطي لله فقط، وتعلمنا الحب، فحبها علمها العطاء، والعطاء مركزه منبعه، إيمان ومعتقد، أن تجود لتلتحم الأرواح في بوتقة السعادة، لتتحرر من قيود الأنويّة، لتكتشف أن السعادة ليست بحفظ الدرهم لذاتك فقط، بل لذة الشعور أن تهب المحروم والمحتاج، أن تنظر للآخرة ففيها النعيم المقيم، تربي النفس وتهذبها بالحرمان فتسمو بها إلى العلياء، خلق الله لنا الشمس آية، فتعلم منها أيها المؤمن، هب درهمك وشعورك، اجعل أيها المؤمن روحك شمسا، وقلبك شمسا، وفكرك شمسا، تهب النور والدفء للعالمين، لا تلتفت للذين أعطيتهم من عمرك وأملك، من شعورك المقدس، لا تحاسب أحدا، وتيقن أن الله لا يضيع صنيعك، ارتق بخلقك، فالسمو ليس بالأوراق ولا بدوي الكلمات؛ السمو جهاد، وجهاد شاق، أن تمضي على الشوك والزجاج ولا تجرح شعور من حولك، تعلم من الشمس وهي تفتح ذراعيها كل يوم وتهب الهدايا، ولك الأجر من الله ـ جل في علاه ـ .